[ 273 ] العرفي الذي لا ينطبق على كل من الهيئة والمادة إذ هما جزءان تحليليان يعينهما العقل بالتحليل والتأمل. ب - قد ذكرنا في بحث الوضع أن الوضع النوعي أمر انتزعه العلماء بعد تحقق ظاهرة اللغة لا أنه قانون اخترعه أهل اللغة، وذلك لان اللغة ظاهرة اجتماعية تنبع من حاجة المجتمع للتفهيم والتفهم، والمجتمعات البدائية التي انطلقت منها شرارة اللغة كانت تقوم بالوضع من وحي الحاجات الشخصية، ومن الواضح أن الوضع الذي يلبي هذه الحاجات هو الوضع الشخصي للمشتق بمادته وهيئته معا لمعنى معين كالوضع في الجوامد أيضا بلا حاجة للوضع النوعي للهيئة المجردة. مضافا لكون الوضع النوعي إبداعا عقليا يكشف عن تطور عقلي حضاري في ذهنية الواضع، وهو غير متصور في المجتمعات البدائية. إذن فالوضع النوعي أمر انتزاعي توصل له العلماء بعد استقرائهم للالفاظ المشتركة في حروف معينة، فهو أمر حادث بعد اللغة لا أنه من مقومات ظهور اللغة، فلا يوجد في المشتق تركيب لفظي من مادة وهيئة كما ذكر. المعنى الثاني: التركيب اللحاظي، والمقصود منه: أن لفظ المشتق إذا خطر في الذهن فهل تخطر معه صورتان أم صورة واحدة ؟ فمثلا إذا سمع الانسان لفظ (زيد ضارب) خطرت في ذهنه صورتان متقارنتان في الخطور الذهني لزيد ولضربه، وهذا هو التركيب اللحاظي، بينما إذا سمع الانسان لفظة الانسان فإنه يخطر في ذهنه صورة واحدة لحاظا وإن انحلت بالتعمل العقلي لصورتين وهما الحيوان والناطق، الا أن هذا التعدد تحليلي لا ينافي الوحدة اللحاظية. فهل لفظ المشتق - كعالم - مركب يستتبع في الذهن صورتين أم بسيط يستلزم صورة واحدة ؟ ________________________________________