[ 283 ] ج - التفصيل بين النحوين المذكورين، فيجري في الاول دون الثاني مطلقا. وهذا التفصيل هو الذي مال إليه الشيخ الاعظم. والسر في الخلاف يعود إلى: أن الاركان في الاستصحاب هل هي متوفرة هنا أو غير متوفرة، والمشكوك توفره في المقام هو الركن الخامس، وهو اتحاد متعلق اليقين والشك. ولا شك في أن الكلي المتيقن نفسه هو المشكوك بقاؤه في هذا القسم فهو واحد نوعا، فينبغي ان يسأل: أولا - هل هذه الوحدة النوعية بين المتيقن والمشكوك كافية في تحقق الوحدة المعتبرة في الاستصحاب أو غير كافية بل لا بد له من وحدة خارجية. ثانيا - بعد فرض عدم كفاية الوحدة النوعية هل أن الكلى الطبيعي له وحدة خارجية بوجود أفراده، بمعنى انه يكون بوحدته الخارجية معروضا لتعينات أفراده المتبائنة، بناء على ما قيل من ان نسبة الكلى إلى افراده من باب نسبة الاب الواحد إلى الابناء الكثيرة كما نقل ذلك ابن سينا عن بعض من عاصره، أو ان الكلى الطبيعي لا وجود له إلا بوجود أفراده بالعرض ففي كل فرد حصة موجودة منه غير الحصة الموجودة في فرد آخر، فلا تكون له وحدة خارجية بوجود أفراده المتعددة بل نسبته إلى افراده من قبيل نسبة الآباء المتعددة إلى الابناء المتعددة، وهذا هو المعروف عند المحققين. فالقائل بجريان الاستصحاب في هذا القسم اما أن يلتزم بكفاية الوحدة النوعية في تحقق ركن الاستصحاب واما ان يلتزم بأن الكلى له وحدة خارجية بوجود افراده المتعددة، وإلا فلا يجري الاستصحاب. وإذا اتضح هذا التحليل الدقيق لمنشأ الاقوال في المسألة يتضح الحق فيها، وهو القول الثاني وهو عدم جريان الاستصحاب مطلقا. أما (اولا)، فلانه من الواضح عدم كفاية الوحدة النوعية في الاستصحاب، لان معنى بقاء المستصحب فيه هو استمراره خارجا بعد اليقين به. ونحن لا نعني من استصحاب الكلى استصحاب نفس الماهية من حيث هي فان هذا لا معنى له، بل المراد استصحابها بما لها من الوجود الخارجي لغرض ترتيب احكامها الفعلية. وأما (ثانيا)، فلانه من الواضح أيضا ان الحق ان نسبة الكلي إلى أفراده ________________________________________