[ 47 ] اختلف الاصوليون من القديم في المشتق: في انه حقيقة في خصوص ما تلبس بالمبدأ في الحال ومجاز فيما انقضى عنه التلبس، أو انه حقيقة في كليهما، بمعنى أنه موضوع للاعم منهما ؟ بعد اتفاقهم على أنه مجاز فيما يتلبس بالمبدأ في المستقبل. - ذهب المعتزلة وجماعة من المتأخرين من أصحابنا إلى الاول. - وذهب الاشاعرة وجماعة من المتقدمين من أصحابنا إلى الثاني. والحق هو القول الاول. وللعلماء أقوال أخر فيها تفصيلات بين هذين القولين لا يهمنا التعرض لها بعد اتضاح الحق فيما يأتي. وأهم شئ يعنينا في هذه المسألة - قبل بيان الحق فيها وهو أصعب ما فيها - أن نفهم محل النزاع وموضع النفي والاثبات. ولاجل ان يتضح في الجملة موضع الخلاف نذكر مثالا له فنقول: انه ورد كراهة الوضوء والغسل بالماء المسخن بالشمس، فمن قال بالاول لا بد ألا يقول بكراهتهما بالماء الذي برد وانقضى عنه التلبس، لانه عنده لا يصدق عليه حينئذ انه مسخن بالشمس، بل كان مسخنا. ومن قال بالثاني لا بد ان يقول بكراهتهما بالماء حال انقضاء التلبس أيضا، لانه عنده يصدق عليه أنه مسخن حقيقة بلا مجاز. ولتوضيح ذلك نذكر الآن أربعة أمور مذللة لتلك الصعوبة، ثم نذكر القول المختار ودليله: 1 - ما المراد من المشتق المبحوث عنه ؟ اعلم ان (المشتق) باصطلاع النحاة ما يقابل الجامد، ومرادهم واضح. ________________________________________