[ 30 ] نظر الناظر إلى الصورة في المرآة فانما ينظر إليها بطريق المرآة بنظرة واحدة هي للصورة بالاستقلال والاصالة وللمرآة بالآلية والتبع فتكون المرآة كاللفظ ملحوظة تبعا للحاظ الصورة وفانية فيها فناء العنوان في المعنون (1). وعلى هذا، لا يمكن استعمال لفظ واحد الا في معنى واحد، فان استعماله في معنيين مستقلا بان يكون كل منهما مرادا من اللفظ كما إذا لم يكن الا نفسه، يستلزم لحاظ كل منهما بالاصالة، فلا بد من لحاظ اللفظ في آن واحد مرتين بالتبع، ومعنى ذلك اجتماع لحاظين في آن واحد على ملحوظ واحد أعني به اللفظ الفاني في كل من المعنيين. وهو محال بالضرورة فان الشئ الواحد لا يقبل الا وجودا واحدا في النفس في آن واحد. الا ترى انه لا يمكن أن يقع لك أن تنظر في مرآة واحدة إلى صورة تسع المرآة كلها وتنظر - في نفس الوقت - إلى صورة أخرى تسعها أيضا. ان هذا لمحال. وكذلك النظر في اللفظ إلى معنيين، على ان يكون كل منهما قد استعمل فيه اللفظ مستقلا ولم يحك الا عنه. نعم يجوز لحاظ اللفظ فانيا في معنى في استعمال، ثم لحاظه فانيا في معنى آخر في استعمال ثان، مثل ما تنظر في المرآة إلى صورة تسعها، ثم تنظر في وقت آخر إلى صورة اخرى تسعها. وكذا يجوز لحاظ اللفظ في مجموع معنيين في استعمال واحد ولو مجازا مثلما تنظر في المرآة في آن واحد إلى صورتين لشيئين مجتمعين. وفي الحقيقة انما استعملت اللفظ في معنى واحد هو مجموع المعنيين، ونظرت في المرآة إلى صورة واحدة لمجموع الشيئين. تنبيهان (الاول) - انه لا فرق في جواز الاستعمال في المعنيين بين أن يكونا ________________________________________ (1) راجع عن توضيح فناء العنوان في المعنون الجزء الاول من المنطق ص 55 من الطبعة الثانية. (*) ________________________________________