[ 19 ] من باب تداعي المعاني الذي يحصل بأدنى مناسبة فتقسيم الدلالة إلى تصديقية وتصورية تقسيم الشئ إلى نفسه والى غيره. والسر في ذلك ان الدلالة حقيقة - كما فسرناها في كتاب المنطق الجزء الاول بحث الدلالة - هي ان يكشف الدال عن وجود المدلول، فيحصل من العلم به العلم بالمدلول، سواء كان الدال لفظا أو غير لفظ. مثلا - ان طرقة الباب يقال انها دالة على وجود شخص على الباب طالب لاهل الدار، باعتبار ان المطرقة موضوعة لهذه الغاية. وتحليل هذا المعنى ان سماع الطرقة يكشف عن وجود طالب قاصد للطلب فيحصل من العلم بالطرقة، العلم بالطارق وقصده، ولذلك يتحرك السامع إلى اجابته. لا انه ينتقل ذهن السامع من تصور الطرقة إلى تصور شخص ما، فان هذا الانتقال قد يحصل فمجرد تصور معنى الباب أو الطرقة من دون أن يسمع طرقة ولا يسمى ذلك دلالة. ولذا ان الطرقة - لو كانت على نحو مخصوص يحصل من حركة الهواء مثلا - لا تكون دالة على ما وضعت له المطرقة وان خطر في ذهن السامع معنى ذلك. وهكذا نقول في دلالة الالفاظ على معانيها بدون فرق، فان اللفظ إذا صدر من المتكلم على نحو يجرز معه انه جاد فيه غير هازل وانه عن شعور وقصد وان غرضه البيان والافهام، ومعنى احراز ذلك ان السامع علم بذلك، فان كلامه يكون حينئذ دالا على وجود المعنى أي وجوده في نفس المتكلم بوجود قصدي، فيكون علم السامع بصدور الكلام منه يستلزم علمه بأن المتكلم قاصد لمعناه لاجل ان يفهمه السامع. وبهذا يكون الكلام دالا كما تكون الطرقة دالة. وينعقد بهذا للكلام ظهور في معناه الموضوع له أو المعنى الذي اقيمت على ارادته قرينة. ولذا نحن عرفنا الدلالة اللفظية في المنطق (1 / 26) بأنها (هي كون اللفظ بحالة ينشأ من العلم بصدوره من المتكلم العلم بالمعنى المقصود به). ومن هنا سمي المعنى معنى، أي المقصود، من عناه إذا قصده. ولاجل ان يتضح هذا الامر جيدا اعتبر باللافتات التي توضع في هذا ________________________________________