[ 29 ] على الاتفاق. ومعاني القرآن على ضربين: ظاهر، وباطن. فالظاهر: هو المطابق لخاص العبارة عنه تحقيقا على عادات أهل اللسان، كقوله سبحانه: (ان الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون) (1). فالعقلاء العارفون باللسان يفهمون من ظاهر هذا اللفظ المراد. والباطن: هو ما خرج عن خاص العبارة وحقيقتها الى وجوه الاتساع، فيحتاج العاقل في معرفة المراد من ذلك الى الأدلة الزائدة على ظاهر الألفاظ، كقوله سبحانه: (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) (2). فالصلاة في ظاهر اللفظ هي: الدعاء حسب المعهود بين أهل اللغة (3)، وهي في الحقيقة لا يصح منها القيام. والزكاة هي: النمو عندهم بلا خلاف (4)، ولا يصح أيضا فيها الاتيان، وليس المراد في الآية ظاهرها، وانما هو أمر مشروع. فالصلاة المأمور بها فيها هي: أفعال مخصوصة مشتملة على قيام، وركوع، وسجود، وجلوس. والزكاة المأمور بها فيها هي [ 2 / أ ] اخراج مقدار من المال على وجه أيضا مخصوص، وليس يفهم هذا من ظاهر القول، فهو الباطن المقصود. وأنواع أصول معاني القرآن أربعة: أحدها: الأمر وما استعير له لفظه. ________________________________________ (1) يونس: 44. (2) البقرة: 43. (3) انظر لسان العرب 14: 464 (مادة صلا). (4) المصدر السابق 14: 385 (مادة زكا). (*) ________________________________________