بسم الله الرحمن الرحيم المدخل كانت سرعة تقدم العلم الإنساني منذ أواخر القرن العشرين مذهلة، إذ حولت اللاممكن إلى ممكن وبدأت مصطلحات من قبيل «ثورة المعلومات» «تحول العالم إلى قرية صغيرة» و«العالمية» و«العولمة» تظهر في المؤلفات العلمية حتى لقد راحت الأمية، وفق المعايير العلمية تقاس على أساس من إمكان التعرف على الحاسوب وعدمه. وقد ترك هذا التحول العجيب آثاره في جميع الميادين: فالعلاقات الاقتصادية بين الشعوب قد تغيرت، والعلاقات الدولية انقلبت رأساً على عقب، وتأثرت الثقافات بهذه الظاهرة بل وحتى المقولات الاعتقادية والايديولوجية لم تبق مصونة من هذه الآثار. وهكذا دكت الجدر الحديدية المقامة على حدود المعسكرين الشرقي الغربي وانطرحت في البين أسئلة جادة بين المذاهب الوضعية، وانهارت سمعة نظريات ماركس فجأة وظهرت حقيقتها إلى العلن أمام العالم، كما وضحت الصورة القبيحة للصهيونية المتمترسة خلف الدين اليهودي في نفس الحال الذي تجلت للعيان أحقية الأهداف الفلسطينية السامية أكثر من ذي قبل، وتعالت شيئاً فشيئاً الصرخات الرافضة للسياسات العدائية لحكام أميركا في الشرق والغرب وبالتالي ارتفعت وتيرة التساؤل عن الأديان الإلهية. كل هذا يعد من الآثار الإيجابية للتنمية وسرعة الاتصالات إلاّ أنّه لايمكننا أن نغفل الآثار السيئة لهذه الظاهرة التي تشكل تهديداً حقيقياً للأخلاق الإنسانية أو نتعامل معها بشكل انفعالي.