المسلمين المتعدّدة، وإنّما تجلّى في أكثر من ميدان من ميادين حضارة الإسلام: الاجتماعية والتربوية والاقتصادية والأخلاقية و.. و.. وبمعونة هذه الآثار الّتي خلّفوها، والمواقف الّتي سجّلوها، استطاع أجيال المسلمين المتلاحقة أن يتجاوزوا محنهم، ويتقدّموا باتجاه مسايرة العالم الآخر، من خلال مواكبة سير الحياة الجديدة القائمة على التقنية الحديثة، والمنهجية المتطورة، فاستلهموا من ثقافتهم الإسلامية الّتي عزّزها أبناء هذا البيت الشريف على مرّ العصور، واستفادوا من تلك التقنيات في توظيف إمكانياتهم من أجل حلّ المشكلات المستحدثة، والقضايا الراهنة، وتقديم الأجوبة المناسبة لها. أليس هذا التحوّل العميق في قضايا المسلمين اليوم، وجوانب التقدّم الّتي أحرزوها على الصعيد العلمي والثقافي والتربوي والصحي و.. و.. يعدّ مظهراً من مظاهر التأثّر بالموروثات الأصلية الّتي خلّفها النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته المطهّرين الذين لم يُعرف عنهم قدح ولا جرح؟ إنّ نظرة شاملة ومتقصّية لكلّ توجّهات أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ومواقفهم الّتي سجّلها لهم التاريخ، وحفظها عنهم أهل التراجم والسير، وأقوالهم وأحاديثهم الّتي تناقلها أرباب الحديث والأدب الرفيع، توقفنا جميعاً على أنّ هذا السلوك بلغ من السموّ والرفعة ما لم يبلغه غيرهم، والاحترام والتجليل ما لا يشهده سواهم. وهذه المنزلة الّتي نزّلهم فيها المسلمون جميعاً، لم تكن لولا وجود عنصرين رآهما فيهم الناس، وهما: 1 ـ الأصالة في العقيدة والفكر والإبداع، إذ لم يتحرّكوا في موقع من دون منهجية، ولم يبدوا قناعتهم اعتباطاً، وإنّما يصاحبونه بالنظر العميق، والموضوعية التامة، والعناية بالمصلحة الإسلامية العليا. وكلّ ذلك في ظلّ الورع والتقوى، والخوف من الله سبحانه.