الإيمان، فكان موسى (عليه السلام) كما قالت امرأة فرعون فيه: (قُرَّتُ عَيْن لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا) وكذلك وقع، فإنّ الله نفعهما به[210]. انظر كيف يجرأ على الله في تقوّله، ويضادّ القرآن في صريح كلامه تعالى! قال تعالى ـ مؤنّباً فرعون في إيمانه حينذاك ـ : (آلاْنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)[211]. وقد قال تعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ اعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً)[212]. وهكذا وقع بشأن فرعون، لم يُقبل إيمانه، ولم يزل يكابد العذاب الأليم عبر البرزخ حتّى يرد النار مع قومه في الآخرة: (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)[213]. (وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيد * يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ * وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ)[214]. فياترى لم تقرع هذه الآيات مسامع ابن عربي في تقوّله ذلك الفظيع الشنيع؟! وله من أمثال هذه الشنائع طامّات شحن بها دفاتره من غير هوادة.