مقدّمة المؤلف الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى محمّـد وآله الطاهرين. وبعد، فإنّ للتأويل ـ لغوياً واصطلاحيّاً ـ بحثاً عريضاً، ومذاهب مختلفة في تفسيره وتبيين المراد منه. فقد جاء في اللغة بمعنى: مآل الأمر وعاقبته، ومنه: الرؤيا، حيث حلّ رموزها، وتبيين ما تنتهي إليه تلك الإشارات الرمزية. كما جاء بمعنى: التفسير، ومطلق كشف المغلق من الكلام، ومنه: تأويل المتشابه من الأقوال والأفعال، وهو توجيه ما تشابه من كلام أو عمل ونحو ذلك. وهكذا اصطلحوا على التعبير عن المفاهيم العامّة الكامنة وراء ظواهر آيات الذكر الحكيم بالتأويل، في مقابل التنزيل. فإنّ للقرآن ظهراً ـ أي: دلالة ظاهرة ـ حسب تنزيلها، وبالنظر إلى ملابسات اكتنفت الآية المعبّر عنها بأسباب النزول، والتي تجعل الآية خاصّة بموردها، حسب الظاهر. وهناك للآية دلالة أخرى باطنة، أي: كامنة في طيّها، وهي رسالتها العامّة، والتي تجعل من القرآن دستوراً خالداً عبر الأجيال، وما هي إلاّ مفاهيم عامّة مستخرجة من طيّ الآية بفضل التعمّق والتدبّر فيها بإمعان، وهذا هو المعبّر عنه بالبطن ـ أي: المعنى المخبّأ وراء ستار اللفظ ـ الذي يعثر عليه الراسخون في العلم المتعمّقون، الأمر الذي نبحث عنه في هذا المجال، ونتبيّن من شرائط هذا الاستنباط، والتي تفصله عن التفسير بالرأي، وعن القول في القرآن بغير علم، والعصمة لله وعليه التكلان. محمّد هادي معرفة ـ قم 18/ذي الحجة/1425ق ـ 10/11/1383ش