الثقافية الحيّة التي من شأنها تعزيز واقع التقريب، من خلال تهيئة المناخ الملائم، وتوفير الوعي الكافي الذي يمكن أن يستهوي المصلحين والطيّبين من أبناء أُمتنا إلى العمل الفاعل في هذا الاتجاه. فالعالم الربّاني، والمثقّف الفاضل، والكاتب الملتزم إذا ما تجذّر فيهم الوعي التقريبي ـ الذي ننشده ـ فسيشكّلون قوةً جبّارةً لدعم عملية إحياء ونشر الثقافة المحمدية الأصيلة، وحماية التراث الإسلامي النفيس، وصيانة ما خلّفه السلف من كنوز العلم والمعرفة. فإذا أُضيفت إليه مسحة "المقارنة" والاعتزاز بـ «رأي الآخر» واحترامه، فسوف يولّد مناخاً مساعداً على تأسيس الوحدة الإسلامية، وإجهاض كلّ المحاولات الرامية إلى خلافها. إنّ إشاعة فكرة التقريب في الأوساط المثقّفة على اختلاف مذاهبها ومشاربها، يعدّ أحد أبرز أهداف المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية. ولذلك فإنّ اهتمام مجمع التقريب ومركز العلمي بكلّ ما هو جديد أو قديم، تحقيقاً كان أم تأليفاً، ليس بالشيء الغريب، بل إنّ مركزنا يقع على عاتقه مهام تحقيق ونشر كلّ الدراسات العلمية والموضوعية التي يجدها تصبّ في هذا الاتجاه، بعيداً عن التعصّب والاستفزاز، ورفض لغة العصا والتهجّم، خاصّةً ونحن نعيش في ظروف صعبة تمرّ بها أُمتنا الإسلامية، إضافة إلى ما أفرزته «العولمة» من معطيات خطيرة انعكست آثارها على أوضاع المسلمين الراهنة. ويقع الكتاب في هذا السياق، ففضلا عن دوره في إحياء ونشر الثقافة القرآنية، والدفاع عن الكتاب الإسلامي الأول، فقد وجد فيه مركزنا مذاقاً خاصاً، وطرحاً شيّقاً، ونزاهةً علميةً محضة، وحرصاً على تقديم الأفضل بلغة عصرية محبّبة، فكان جديراً بأن يحظى باهتمام المختصّين والمحقّقين والعارفين بهذا اللون من العلوم، لذا نهض المركز العلمي التابع للمجمع المبارك بهمّة ـ كما هو ديدنه ـ من أجل طبعه وإخراجه ونشره بحلّة تتناسب ومكانته.