المقدّمة بسم الله الرحمن الرحيم لاشكّ أنّ للقرآن الكريم أثراً عظيماً في حياة البشرية عموماً، والمسلمين خصوصاً. إذ به اندكّت قلاع الضلالة والجهل، وبه أحرز الإنسان سبيل السعادة والانتصار. فإضافة إلى أنّه كتاب هداية ورشاد، ويفرّق بين الحقّ والباطل باعتباره مبيّناً لأحكام الله سبحانه وشريعته الخاتمة، فهو يشتمل أيضاً على حقائق ومعارف عديدة ومختلفة، ودعا إلى اقتفاء أثرها والكشف عنها، لغرض الانتفاع بها، فقال: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب أَقْفَالُهَا) ]محمد : 24[ وقال :(أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) ]النساء: 82[. وجاءت السنّة الشريفة لتقرّر هذا الحثّ، وتدعو إليه، ففي النبوي الشريف: «القرآن مأدبة الله، فتعلّموا مأدبته ما استطعتم. إنّ هذا القرآن هو حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع» ]مستدرك الحاك 1:555[ وقال(صلى الله عليه وآله) أيضاً: «إن أردتم عيش السعداء، وموت الشهداء، والنجاة يوم الحسرة، والظلّ يوم الحرور، والهدى يوم الضلالة، فادرسوا القرآن، فإنّه كلام الرحمن...» ]أمالي الطوسي 1:5[. وعلى الامتداد يقول أمير المؤمنين علي(عليه السلام): «إنّ القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تُكشف الظلمات إلاّ به» ]نهج البلاغة: خطبة (18)[. فكان من الطبيعي أن تبرز اهتمامات المسلمين تجاهه، والمبالغة في العناية به، بحيث إنّه لم يحظ كتاب في تاريخ البشرية بمثل ما حظي به، من جمعه وحفظه، وكتابة آياته،