عليه أن يتريّث كثيراً، خصوصاً أنّ الأمر يتعلّق بالقرآن الكريم، وحتّى يمكنه طرح منهجه في التفسير بوضوح، لأنّ ما طرحه ليس واضحاً ولا مُقنعاً، بل هو يسعى دائماً لتوظيف الألفاظ ـ صحيحة وغير صحيحة ـ لخدمة فكرته، والتي إن صحّت لصار عليه أن يُجيب على هذا السؤال: هل اختصّ الله تعالى السُّوَر التسع والعشرين بافتتاحها بكلمات أو رموز من اللغة المصريّة القديمة، لأنّ هذا السور لها علاقة بمصر والمصريّين، دون بقية سور القرآن وعددها خمس وثمانون سورة، أم ماذا؟ أقول: كان على المؤلّف أن يتحلّى بمزيد من التريّث والدراسة، واستخدام المنهج العلميّ الصحيح، والتعمّق أكثر في اللّغة المصريّة وتاريخها، والتعرّف على العصور المختلفة التي مرّت بها، وأُسس وضوابط الاشتقاق اللغوي، والدراسات المقارنة بين المصريّة القديمة واللغات الأخرى، وخصوصاً اللغات السامية! n ماذا يجب أن نفعل لضمان سلامة المنهج العلمي في تأليف مثل هذه الكتب؟ l أرى أنّه لابدّ من وجود لجان متخصّصة تُطرح عليها مثل هذه الكتب قبل التصريح بطبعها وتداولها، وبالنسبة لهذا الكتاب «الهيروغليفية تفسّر القرآن الكريم» فإنّني أرى أنّ الأزهر الشريف أخطأ في حقّ القرآن الكريم قبل أن يخطئ في حقّ اللغة المصرية القديمة، فمع كلّ التقدير والإجلال لعلماء الدين، فقد كان من الضروريّ أن يطلب الأزهر من المؤلّف أن يعرض مادّة كتابه أولاً على أساتذة اللغة المصريّة القديمة لمناقشتها والتحقّق ممّا جاء في الكتاب، لأنّه يتعرّض لسرٍّ من أسرار الله تعالى، أراد الباحث أن يخوض في تفسيره دون دراية كافية، بالأدوات التي استخدمها، وهي مفردات اللغة المصريّة التي عاشت أكثر من أربعة آلاف عام، ومرّت بمراحل مختلفة اعتمد الكاتب على مرحلة واحدة منها في تفسيره، وهي العصر الوسيط، ممّا جعله يخوض فيما لانستطيع ـ بعلمنا المتواضع ـ الخوض فيه![683].