وإشارة إلى ما استعدّوا للاهتداء به إلى تأويله، وهو تجرّد العقل عن غواشي الحسّ»[46]. وقال الإمام بدر الدين الزركشي: «إنّ الله لم ينزل شيئاً من القرآن إلاّ لينتفع به عباده، وليدلّ به على معنىً أراده، ولا يسوغ لأحد أن يقول: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يعلم المتشابه، فإذا جاز أن يعرفه الرسول، مع قوله: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله)جاز أن يعرفه الربّانيون من صحابته والمفسّرون من أمّته. ألا ترى أنّ ابن عبّاس كان يقول: أنا من الراسخين في العلم، ولو لم يكن للراسخين في العلم حظّ من المتشابه إلاّ أن يقولوا: آمنّا، لم يكن لهم فضل على الجاهل; لأنّ الكلّ قائلون ذلك». وقال: «ونحن لم نر المفسّرين إلى هذه الغاية توقّفوا عن شيء من القرآن، فقالوا: هذا متشابه لا يعلم تأويله إلاّ الله، بل أمرّوه على التفسير حتّى فسّروا الحروف المقطّعة»[47]. وهذا شيخ المفسّرين الفطاحل الشيخ أبو علي الطبرسي يرجّح الكفّة مع القائلين بالعطف، قائلاً: «وممّا يؤيّد هذا القول أنّ الصحابة والتابعين أجمعوا على تفسير جميع آي القرآن، ولم نرهم توقّفوا على شيء منه لم يفسّروه، بأن قالوا: هذا متشابه لا يعلمه إلاّ الله..»[48]. وهكذا رجّح ذلك جهابذة الأدب; كالزمخشري وابن قتيبة والعكبري والشريف المرتضى وغيرهم من الأعلام[49]. ولابن تيميّة هنا كلام عريض، أكّد فيه على ضرورة العلم بجميع ما أنزله الله في