ذلك في الأرض في زمانهم من أعدائهم الكثير (قل فللّه الحجّة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين) [168]. 3 ـ أنّ ما دلّت عليه أحاديث المهدي من امتلاء الأرض ظلماً وجوراً قبل خروجه، لا يدلّ على خلو الأرض من أهل الخير قبل زمانه، فالرسول (صلى الله عليه وآله) أخبر في أحاديث صحيحة بأنّه لا تزال طائفة من أُمته على الحقّ ظاهرين حتّى يأتي أمر الله، ومنها الحديث الذي رواه مسلم عن جابر أنّه سمع النّبي (صلى الله عليه وآله) يقول: «لا تزال طائفة من أُمتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين إلى يوم القيامة» قال: «فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم: تعال صلِّ لنا، فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أُمراء، تكرمة الله هذه الأُمّة»[169]. وهذه الأحاديث، وأحاديث المهدي تدلّ على أنّ الحقّ مستمرّ لا ينقطع، لكنّه في بعض الأزمان تكون لأهله الغلبة ويحصل له الانتشار، كما في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وكما في زمن المهدي وعيسى بن مريم، وفي بعض الأزمان يضعف أهل الحقّ ويتضاءل انتشاره. أمّا أنّ الحقّ يتلاشى ويضمحلّ، فهذا ما لم يكن فيما مضى منذ زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ولا يكون في المستقبل حتّى خروج الريح التي تقبض روح كُلّ مؤمن ومؤمنة كما أخبر بذلك الذي لا ينطق عن الهوى، صلوات الله وسلامه عليه. فما من زمن في الماضي إلاّ وقد هيّأ الله لهذا الدين من يقوم به، وفي هذا الزمن الذي تكالب أعداء الإسلام عليه، وغُزي بأبنائه المنتسبين إليه أعظم من غزوه