شأن المهدي، وخروجه في آخر الزمان»[160]. وقال في موضع آخر بعد ذلك: «وما أورده أهل الحديث من أخبار المهدي قد استوفينا جميعه بمبلغ طاقتنا»[161]. وأقول: إنّه قد فاته الشيء الكثير، يتّضح ذلك بالرجوع إلى ما أثبته السيوطي في العرف الوردي في أخبار المهدي عن الأئمة، بل إنّ ممّا فاته الحديث الذي ذكره ابن القيّم في المنار المنيف عن الحارث بن أبي أُسامة، وقال: «إسناده جيد»، وتقدّم ذكره بسنده، وحاصل ما قيل في رجاله[162]. الرابعة: أنّ ابن خلدون نفسه قد اعترف بسلامة بعض أحاديث المهدي من النقد، حيث قال بعد إيراد الأحاديث التي خرّجها الأئمة في شأن المهدي، وخروجه آخر الزمان: «وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلاّ القليل»[163]. وأقول: إنّ القليل الذي يسلم من النقد يكفي للاحتجاج به، ويكون الكثير الذي لم يسلم عاضداً له ومقوّياً، على أنّه قد سلم الشيء الكثير، كما تقدّم ذلك في حكاية كلام القاضي محمد بن علي الشوكاني، الذي حكى تواترها، وقال: «إنّ فيها خمسين حديثاً، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر»[164]. ثم إنّه في آخر البحث ذكر ما يفيد تردّده في أمر المهدي، وذلك يفيد عدم ثبات رأيه، لكونه تكلّم فيه بما ليس باختصاصه. هذه بعض الملاحظات على كلام ابن خلدون في شأن المهدي، وسأستوفي الكلام فيها مع ملاحظات أُخرى عليه، في الرسالة التي أنا بصدد تأليفها في هذا