من هذه العقيدة مفاهيم تشكل أساساً عملياً واسع الأبعاد. وعلى أساس العقيدة والمفاهيم الحياتية، تتخذ العواطف الإنسانية مساراً توجيهياً تختلف اختلافاً حقيقياً عنها عندما لا تعيش في هذا الإطار. وبعد كل هذه الأرضية المناسبة يأتي البناء الاجتماعي الإسلامي ليشمل تخطيط الإسلام كل نواحي الحياة الإنسانية. وحينئذ فالمسلم الواعي حقاً يتمتع بالعناصر التالية: أولاً: فهم الحقيقة الإسلامية فهماً مطّرد العمق. وثانياً: إيمان منطقي بها. وثالثاً: نفوذ إيماني إلى العواطف، وصياغتها الصياغة التي تنسجم بها مع الأسس. ورابعاً: نقل واع لها إلى المجال العملي، الشخصي والعام. إنها العناصر التي يمتاز بها المسلم الواعي، والتي يصعد الإنسان بها مدارج الكمال من خلال تأصّلها في وجوده وحياته. وعنصر الفهم يعم فهم الإسلام ـ أساساً وبناء نظرياً ـ من جهة، والإطار العملي التنفيذي من جهة أخرى، وأعني بالفهم الإسلامي التطبيقي؛ فهم التعليمات الإسلامية الهادفة لكيفية ملء المساحة المباحة، أو ما أطلق عليها أحد كبار المفكرين منطقة الفراغ، التي تركها الإسلام للحاكم الإسلامي ليقوم بملئها على ضوء التعليمات مع ملاحظة المصلحة الإسلامية العليا والظروف الموضوعية القائمة. ويعتبر ما يسمى الامر الموحى مباشرة أسمى درجات هذا الفهم في حين يتلوه في الدرجة ما يتحصل بالإجتهاد الأصيل الصحيح. أما عنصر الإيمان فهو بدوره متفاوت الدرجة، مما يسوّغ أن يؤمر الذين آمنوا بالإيمان، وتصعيد هذه الدرجة أو توسيع المساحة الإيمانية، ويشمل الإيمان بالموقع المحدد من الكون والمنطق الحياتي والهدف السامي ونوع السبيل إلى الهدف. وإذا ركزنا على الصعيد العاطفي رأينا التدريج نفسه فيه، حتى يصل الأمر إلى