الإطلاق ـ وهي اللغة ـ لا تقوم على أساس الإنتاج بل هي الشرط الضروري ـ تاريخياً ـ لوجود هذه القاعدة الاقتصادية المزعومة. الدليل الواضح: وأقوى دليل نقدمه على هذه النتيجة هو ما نشاهده ـ وجداناً ـ من استقلال اللغة في تطورها عن الإنتاج وتطوره. فلو كانت اللغة وليدة الإنتاج، وجب أن تتطور تبعاً لتطوره تماماً كما تتطور باقي الظواهر الاجتماعية ـ في رأي الماركسية ـ. هذا في حين لا يمكن لأي ماركسي ـ حتى ولو كان مغرقاً في ماركسيته كستالين ـ أن يدعي: أن اللغة الروسية ـ مثلا ـ قد تغيرت بعد الثورة الاشتراكية، وتبدلت إلى لغة جديدة. أو أن تدعي: أن الآلة البخارية التي أحدثت ثورة كبرى في طريقة الإنتاج، قد غيرت اللغة الانجليزية، ووهبت الانجليز لغة أُخرى غير ما كانوا يتكلمون به قبل اكتشاف هذه الآلة!! فالواقع التاريخي يقرر استقلال اللغة في تطورها عن الإنتاج، وليست نابعة منه، وإنّما هي نابعة ـ كما تقدم ـ من فكر وحاجة هما أسبق من كل عملية إنتاجية مهما كان نوعها. نتيجة هذا البحث: إن الماركسية فشلت في عبور العقبة الأولى التي وضعناها أمامها، وهي تفسير تطور القوى المنتجة بشكل يتلاءم مع نظريتها التاريخية. وسنرى في الفصول المقبلة إن شاء الله أنها ستفشل في عبور باقي العقبات التي مر ذكرها في أول هذا الفصل. مما يثبت أن هذا الاستيعاب الذي تدعيه لنظريتها أمر باطل وخرافة لا أكثر.