وركيزة (أساس) الفكر المجرد الذي يتخطى الإحساس الوقتي، وركيزة النظر العقلي، فهي التي تتيح للإنسان أن يعكس الواقع بأكبر درجة من الدقة. وبهذه الطريقة أثبت (بافلوف) إن ما يحدد ـ أساساً ـ شعور الإنسان، ليس جهازه العضوي، وظروفه البيولوجية (الحياتية الطبيعية) بل يحدده ـ على عكس ذلك ـ المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان([23]). توضيح المقصود: إن بولتزير ينقل عن بافلوف أن التفكير الذي يعبر عنه بالعمليات الأساسية للمخ إنّما هو مجرد انعكاسات واستجابات وردود فعل لمنبهات معينة هي ـ بالدرجة الأولى ـ الإحساسات. وهذه الاستجابات الناشئة عن الإحساسات لا يمكن أن تكون فكرة عقلية مجردة عن الشيء، لأنها ترتبط بالإحساسات فلا تسمح بالتفكير في شيء غائب لا يحس. وفي المرحلة التالية تقوم الألفاظ بدور المنبهات الثانوية بعد أن يقترن كل لفظ بإحساس معين فيكتسب تأثيراته في الذهن ويحل محله في إيجاد التفكير... وهذا يتيح للإنسان أن يفكر خارج حدود الإحساس وذلك عن طريق الألفاظ وتأثيراتها في ذهنه. فالألفاظ هي التي تتيح للإنسان التفكير المجرد ولما كانت الألفاظ واللغة ظاهرة اجتماعية فالتفكير المجرد إذن من الظواهر التابعة لظاهرة اللغة. التعقيب على هذا الادعاء: إننا هنا نطرح السؤال التالي: هل صحيح أن اللغة هي التي خلقت التفكير في الإنسان؟ أو أن اللغة وجدت نتيجة لوجود أفكار أراد الإنسان المفكر أن يعبر عنها؟ والحقيقة هي أن الشق الأول من السؤال باطل حتى ولو آمنا بنظرية بافلوف الأنفة. توضيح طريقة بافلوف في التفسير الفسيولوجي للفكر: إن بافلوف أثبت بالتجربة أن شيئاً معيناً إذا اقترن بأحد المؤثرات الطبيعية الحسية، اكتسب