الصلة بين الإنتاج والتوزيع وقد رأينا فيما مضى أنّ الماركسية تؤكّد على هذه الصلة. فكل شكل إنتاجي في رأيها يحتّم أسلوباً خاصاً من التوزيع، فإذا تطوّرت وسائل الإنتاج تناقضت مع الشكل السابق للتوزيع وحوّلته إلى شكل ملائم لها، وهي ترى أنّ هذه التبعيّة قانون طبيعي ثابت، فما على الإنسان إلاّ أن ينتج، ونوع الإنتاج هو المتكفّل بنوع التوزيع. إلاّ أنّ الإسلام رفض هذا الربط، وأقام الصلة بينهما على أساس التوزيع الذي يقوم به المذهب فيحدّد فيه الإنتاج لصالح التوزيع. وتقوم فكرته على أساس نقاط هي: أولا: أنه يعتقد أن قواعد هت التوزيعية ثابتة وصالحة لكل زمان ومكان. ثانياً: إن عمليات الإنتاج التي يمارسها الفرد تعتبر مرحلة تطبيق لتلك القواعد التوزيعية. فالإحياء مثلا يؤدي إلى تطبيق قواعد التوزيع إلى درجة قد تشكل خطراً على التوازن العام. فلم يكن الفرد يستطيع أن يحيي بنفسه إلاّ مجالا محدوداً، ولكن هذا يستطيع إحياء مساحات شاسعة بالآلة بعد ذلك فلا بد من توجيه التطبيق. وهنا تنشأ الصلة المذهبية وترجع إلى التطبيق الموجه، وتتمثل هذه الصلة في سلطة ولي الأمر في التدخل للحدِّ من تطبيق القاعدة تطبيقاً يتنافى مع العدالة، وهكذا; فنمو الإنتاج قد يفرض التدخل في الإنتاج والتحديد في تطبيق قواعد التوزيع دون أن يمس جوهرها. فمبدأ (تدخل الدولة) هو المبدأ الذي أُثبت لقواعد التوزيع مرنة جعلته تلائم كل الظروف. الصلة بين الإنتاج والتداول الإنتاج هو تطور الطبيعة لشكل أفضل بالنسبة لحاجات الإنسان والتداول مادياً هو نقل الأشياء من هنا إلى هناك، وهو قانونياً مجموع عمليات التجارة بأسلوب المقايضة وعقودها كالبيع. والتداول ـ بمعناه المادي ـ عملية إنتاجية لأنها توجد منفعة وتطويراً سواء كان النقل عمودياً كاستخراج المعدن، أو أفقياً كنقل السلع إلى أماكن الاستهلاك. أما التداول ـ بالوصف القانوني ـ فيجب تحديد علاقته بالإنتاج على أساس مذهبي. ومعرفة مفهوم الإسلام عن التداول لا تساهم في تصور مذهبي شامل فحسب بل تؤثر في وضع السياسة العامة للتداول وملء الفراغ الذي