وهناك عدّة ظواهر تبرهن على موقف الإسلام السلبي من هذه الظاهرة. فالإسلام لم يجد في المخاطرة المزعومة لرأس المال المقترض سبباً للفائدة، وكذا حرم القمار والشركة في الأبدان لأن الكسب فيهما يقوم على أساس المخاطرة. 2ـ المبررات الرأسمالية للفائدة ونقدها عرفنا ان الإسلام يرفض تبرير الفائدة على أساس المخاطرة ـ وهو ما يقول به الرأسماليون متناسين دور الرهن في ضمان المال للدائن ـ وقد ذكروا للفائدة مبررات أُخرى فقيل: إنها تعويض عن عدم الانتفاع بالمال السلف. وقيل: إنها أجرة كأجرة الدار ولكننا رأينا الإسلام يحصر الكسب بإنفاق العمل المباشر أو المختزن وهذا مفقود هنا إذ المال لا يستهلك. ومنهم من فسر الفائدة بأنها حق رأس المال في شيء من الإرباح. ولكن ماذا يقول هؤلاء في القروض التي ينفقها المدين على حاجاته الشخصية؟ أما العقود المنتجة ربحاً فالإسلام يسمح باشتراك المال في الربح على أساس المضاربة ممّا يربط الربح بنتائج عملية المضاربة ـ خلافاً للرأسمالية ـ . وأخيراً فان أقوى مبرّر للفائدة ما قيل من ان الفائدة تشكّل الفارق بين قيمة السلع الحاضرة وسلع المستقبل باعتقاد ان للزمن دوراً ايجابياً في تكوين القيمة التبادلية. ولكن هذا يقوم على أساس ربط توزيع ما بعد الإنتاج بنظرية (القيمة) والإسلام يفصل بينهما. كما رأيناه لا يعطي بعض العناصر المشتركة في تكوين القيمة ـ كالأدوات ـ إلاّ الأجرة. فالتوزيع في الإسلام لا يتم على أساس (الاشتراك في إيجاد القيمة)، بل على أساس مقتضيات العدالة ـ كما يتصوّرها ـ وعليه فحتى لو قبلنا بالفارق بين القيمتين فان ذلك لا يكفي لتبرير الفائدة مادام لا يتفق مع تصوّرات الإسلام عن العدالة. فهو لا يقرّر إلاّ الكسب الناتج من عمل مباشر أو مختزن. والفائدة ليست من هذا النمط، أما الزمن فلا يبرّر الكسب حتى لو اعترف المذهب بدور ايجابي للزمن في تكوين القيمة. 3ـ تحديد سيطرة المالك على الانتفاع يتم تحديد سيطرة المالك على أسس مختلفة كما يلي: