فلماذا إذن ثارت جماهير العبيد ثورة عارمة قبل أن توجد الضرورة التاريخية لتغير النظام العبودي بعدة قرون. النقطة الثانية: لم يسبق التحول إلى الإقطاع أي تطور في وسائل الإنتاج. يقول ماركس: «إن أي تكوين اجتماعي، لا يموت أبداً، قبل أن تتطور القوى المنتجة، التي تستطيع أن يفسح لها المجال»([53]). ومع هذا فقد كان شكل الإنتاج واحداً في المجتمع العبودي والإقطاعي. وهو الزراعة والخدمة اليدوية وفي مقابل هذا نجد أن اشكال الإنتاج قد تطورت بلا أن يحصل تغيير في الكيان الاجتماعي فقد استعان الإنسان أول الأمر بالأحجار الطبيعية ثم صنع أدوات حجرية ثم اكتشف النار وصنع الفؤوس والحراب ثم ظهرت الأدوات المعدنية والسهام ثم ظهر الإنتاج الزراعي ثم الحيواني كل ذلك والنظام الاجتماعي بدائي شيوعي واحد ـ كما تعترف الماركسية نفسها ـ . فلماذا إذن نربط التغيير الاجتماعي بخصوص تطور شكل الإنتاج دون أن نجعله تابعاً لتطور الأفكار الإنسانية العملية التي يحصل عليها الإنسان بعد تجاربه الاجتماعية تماماً كما أن الأشكال الإنتاج تتبع الأفكار العلمية التي يحصل عليها بعد التجارب الطبيعية. ولما كانت التجارب الطبيعية أسرع وأقصر من التجارب الاجتماعية فإن من المتوقع أن تتطور أشكال الإنتاج أسرع من تطور أشكال النظام الاجتماعي وإذا تم هذا فقد أنهار البنيان التاريخي الماركسي من أساسه. النقطة الثالثة: ذكرت الماركسية أن النظام العبودي صار يشكل مانعاً من نمو الإنتاج ولذا أزاحته قوى الإنتاج. فهل كان هذا واقعاً؟ وهل تطور الإنتاج تبعاً لذلك؟ إننا لو ركزنا على الحياة الاقتصادية للدولة الرومانية لوجدنا إنها بلغت في بعض المناطق مستوى اقتصادياً رفيعاً ونمت فيها (الرأسمالية التجارية) وابتعدت عن الاتقاصد المحلي المغلق (اقتصاديات البيت) فتوسعت التجارة مع الدول المعاصرة لها لكون الطرق معبدة آمنة بالإضافة لازدهار التجارة الداخلية بين ولايات الإمبراطورية حتى أن الأواني الفخارية الطينية مثلا كانت