والتعاون والإيثار والمحبّة كان الإنسان سعيداً مستقيماً في حياته، وإذا كانت علاقته بالآخرين قائمة على أساس الاستئثار والعدوان والخداع والمكر كان قلقاً معذّباً بهذه العلاقة. كما يصحّ العكس أيضاً، فكلّما يكون الإنسان صالحاً تكون علاقاته بالآخرين صالحة وقائمة على أُسس صحيحة وأخلاقية، وإذا فسد الإنسان وساءت نيّته وسريرته تجاه الآخرين، فإنّ علاقاته بالآخرين أيضاً تتّصف بالخبث والمكر والسوء والعدوان. إذن بين «الإنسان» و «علاقاته» بالآخرين علاقة متبادلة، يؤثِّر كلٌّ منهما على الآخر، فيشقى الإنسان بسوء العلاقة، كما تسوء علاقة الإنسان بالآخرين بشقائه وخبثه. ولذلك يهتمّ الإسلام اهتماماً بليغاً بأمر نسيج العلاقات التي تربط الإنسان بالآخرين، ويسعى لتهذيب هذا النسيج بكلّ ما يمكن في حياة الإنسان وعلاقاته من متانة وقوة ومودّة ومحبّة وتفاهم. الخطُّ الطولي والخطّ العرضي في نسيج العلاقات الإنسانية تحدّثنا عن هذا النسيج بتفصيل في كتابنا «الولاء»، وبإجمال في كتابنا «السلام في الإسلام»، وهنا نشير إلى هذا النسيج إشارةً سريعةً، ونترك التفصيل لمن يريد في هذين الكتابين. إنّ للإسلام نظريةً متكاملةً وتصوّراً دقيقاً وشاملاً في العلاقات الإنسانية، وهذه النظرية هي قانون «الولاء»، ولا نعهد هذا الفهم والتصوّر لشبكة العلاقات الإنسانية بهذه الصورة في غير الإسلام. وهذه الشبكة التي يسمّيها الإسلام بـ «الولاء» شبكة شاملة وواسعة، وقوية ومتينة، تشمل كلّ العلاقات التي تربط الإنسان بالخارج من دون استثناء تقريباً. وهذه العلاقات ذات اتّجاهين: اتّجاه طولي (عمودي) هو السلطان الشرعي لله