وأفتى الغزالي (عفا الله عنه) بحرمة لعنه ! وأفتى أبو بكر بن العربي المالكي عليه من الله تعالى ما يستحقّ أعظم الفرية، فزعم أنّ الحسين قُتل بسيف جدّه (صلى الله عليه وآله وسلم)وله من الجهلة موافقون على ذلك (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً). قال ابن الجوزي (عليه الرحمة) في كتابه «السرّ المصون»: من الاعتقادات العامية التي غلبت على جماعة منتسبين إلى السنّة أن يقولوا: إنّ يزيد كان على الصواب، وأنّ الحسين (رضي الله تعالى عنه) أخطأ في الخروج عليه. ولو نظروا في السير لعلموا كيف عقدت له البيعة وألزم الناس بها، ولقد فعل في ذلك كلّ قبيح، ثم لو قدّرنا صحة عقد البيعة، فقد بدت منه بواد كلّها توجب فسخ العقد، ولا يميل إلى ذلك إلاّ كلّ جاهل، عاميّ المذهب، يظنّ أنّه يغيظ بذلك الرافضة. هذا ويعلم من جميع ما ذكره اختلاف الناس في أمره، فمنهم مَن يقول: هو مسلم عاص بما صدر منه مع العترة الطاهرة، لكن لا يجوز لعنه. ومنهم مَن يقول: هو كذلك يجوز لعنه مع الكراهة أو بدونها. ومنهم مَن يقول: هو كافر ملعون. ومنهم مَن يقول: إنّه لم يعص بذلك، ولا يجوز لعنه ! وقائل هذا ينبغي أن يُنظم في سلسلة أنصار يزيد ! وأنا أقول: الذي يغلب على ظنّي أنّ الخبيث لم يكن مصدّقاً برسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وأنّ مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالى، وأهل حرم نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعترته الطيّبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات، وما صدر منه من المخازي، ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر ! ولا أظنّ أنّ أمره كان خافياً على أجلّة المسلمين إذ ذلك، ولكن كانوا مغلوبين مقهورين، لم يسعهم إلاّ الصبر ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، ولو سلّم أنّ الخبيث كان مسلماً، فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان. وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ولو لم يتصوّر أن يكون له مثل من الفاسقين، والظاهر أنّه لم يتب، واحتمال توبته أضعف من إيمانه. ويلحق به ابن