حدثني إبراهيم بن محمد الحريري، قال: حدثني عبدالصمد بن حسّان السعدي، عن سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن الحسن بن حسن، قال: لمّا حملنا إلى يزيد وكنّا بضعة عشر نفساً، أمر أن نسير إلى المدينة، فوصلناها في مستهلّ[652] وعلى المدينة عمرو بن سعيد الأشدق، فجاء عبدالملك بن الحارث السهمي فأخبره بقدومنا، فأمر أن ينادى في أسواق المدينة: ألا إنّ زين العابدين وبني عمومته وعمّاته قد قدموا إليكم، فبرزت الرجال والنساء والصبيان، صارخات باكيات، وخرجت نساء بني هاشم حاسرات تنادي: واحسيناه، واحسيناه! فأقمنا ثلاثة أيام بلياليها ونساء بني هاشم وأهل المدينة مجتمعون حولنا. حدثنا زهران بن مالك، قال: سمعت عبدالله بن عبدالرحمن العتبي، يقول: حدثني موسى بن سلمة، عن الفضل بن سهل، عن علي بن موسى، قال: أخبرني قاسم بن عبدالرازق وعلي بن أحمد الباهلي، قالا: أخبرنا مصعب بن عبدالله، قال: كانت زينب بنت علي وهي بالمدينة تألّب الناس على القيام بأخذ ثأر الحسين، فلمّا قام عبدالله بن الزبير بمكة، وحمل الناس على الأخذ بثأر الحسين، وخلع يزيد، بلغ ذلك أهل المدينة، فخطبت فيهم زينب وصارت تؤلّبهم على القيام للأخذ بالثأر، فبلغ ذلك عمرو بن سعيد، فكتب إلى يزيد يعلمه بالخبر، فكتب إليه أن فرِّق بينها وبينهم، فأمر أن ينادى عليها بالخروج من المدينة والإقامة حيث تشاء. فقالت: قد علم الله ما صار إلينا، قُتل خيِّرنا، وانسقنا كما تُساق الأنعام، وحُملنا على الأقتاب، فوالله لاخرجنا وإن أُهريقت دماؤنا، فقالت لها زينب بنت عقيل: يا ابنة عماه! قد صدقنا الله وعده، وأورثنا الأرض نتبوّأ منها حيث نشاء، فطيبي نفساً، وقرّي عيناً، وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً؟ ارحلي إلى بلد آمن، ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم وتلطّفن معها في الكلام وواسينها.