وهناك رواية أخرى تقول: إنّ النبي في حياته كان قد أعطاها قارورةً بها تراب، وقال لها: «إذا استحال هذا التراب دماً فاعلمي أنّ الحسين قد قُتل». ومهما يكن من شيء، فقد قُتل الحسين مظلوماً، ولم يراعوا فيه حرمةً، ولكن استشهاده كان صيحةً مدوّيةً في مختلف أرجاء العالم العربي. هناك من طالب بدم الإمام الشهيد... وهناك من ثار على بني أُمية إلى أن انتهت دولتهم نهايةً مأساويةً رهيبة. وهناك من تشفّع لآل البيت إلى أن ظهرت الدولة الفاطمية في المغرب العربي وفي مصر، وظهرت الانقسامات حول من يكون له حقّ الحكم... إلى أن خلّفت الدولة الأموية الدولة العباسية، وأخذ التاريخ مسارات جديدة. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: أين ذهبت رأس الحسين؟ وكيف جاءت إلى القاهرة؟! على أساس أنّه لا خلاف بين المؤرّخين والرواة أنّ الجسد الشريف قد دُفن في مكانه في كربلاء، في مشهده المعروف هناك! ولكن الخلاف حول مكان الرأس. يقول بعض الرواة: إنّ الذي وصل بالرأس من عسقلان الأمير سيف المملكة وواليها، ووصل في القصر يوم الثلاثاء، العاشر من جُمادى الاخرى. وقالوا: إنّ هذا الرأس الشريف لمّا أُخرج من المشهد بعسقلان وجد دمه لم يجفّ، وله ريح كريح المسك، وعندما جيء به إلى مصر دُفن في قصر الزمرّد، وهو المكان المعروف الآن بالمشهد الحسيني[209]. * * *