ومدفون تحت الأرض، وقد بني عليه بنيان يقصر الوصف عنه، ولا يحيط به الإدراك، مجلّل بأنواع الديباج، محفوف بأمثال العمد الكبار شمعاً أبيض، ومنه ما هو دون ذلك، وقد وضع أكثره في أتوار فضّة خالصة، ومنها مذهَّبة، وعلِّقت عليه قناديل فضّة، وحُفَّ أعلاه بأمثال التفافيح ذهباً في مصنع شبيه الروضة، يقيد الأبصار حسناً وجمالاً. وفيه أنواع الرخام المجزَّع، الغريب الصنعة، البديع الترصيع، ممّا لايتخيّله المتخيّلون. والمدخل إلى هذه الروضة على مثال المسجد في التألّق والغرابة، وحيطانه كلّها رخام على الصفة المذكورة، وعن يمين الروضة المذكورة وشمالها، وهما أيضاً على تلك الصفة بعينها، والأستار البديعة من الديباج معلَّقة على الجميع»[178]. وفي عصر الدولة العثمانية أمر السلطان خان بتوسيع ذلك المسجد، كما عنى الوالي العثماني آنذاك السيد محمد باشا الشريف في عام 1004 هـ /1595م بترميم المشهد الحسيني، وإصلاح زخارفه. أمّا الأمير حسن كتخدا فقد وسّع المشهد وزاد مساحته، ووضع له تابوتاً من أبنوس مطعَّم بالصدف والعاج، كما جعل عليه ستراً من حرير مزركش، نُقل إلى الضريح في احتفال كبير، ذكره الجبرتي في تاريخه[179]. أمّا في عام 1175 هـ /1761م فقد أعاد الأمير عبدالرحمان كتخدا بناء المسجد الحسيني[180]، وفي عصر الوالي عباس الأول تمّ شراء الأملاك اللازمة لتوسيع المسجد، فهدمها وشرع في البناء الذي لم يكتمل في حياته، حيث توفّاه الله. وفي عام 1279 هـ /1892م أمر الخديوي إسماعيل بتجديد مسجد الحسين وزيادة مساحته، فوضعت المشاريع اللازمة لذلك، كما تمّ فتح شارع السكّة الجديدة،