حضر مع أبيه وقائعه جميعاً، من الجمل إلى صفّين[175]. وليس في بني الإنسان من هو أشجع قلباً ممّن أقدم على ما أقدم عليه الحسين في يوم كربلاء... وقد عاش الإمام الحسين سبعاً وخمسين سنة بالحساب الهجري»[176]. وبخلاف عملاق الأدب العربي، وما ذكره عن أخصّ صفات الإمام الحسين، انشغل الكثيرون غيره بالغوص في سيرة حياة هذا الإمام الجليل; لاستخراج ما بها من صفات أخرى عديدة، فإلى جانب صفتي الوفاء والشجاعة عُرف الإمام الحسين (رضي الله عنه) بصفة التواضع، وهو من بيت النبوة العظيم محمد (صلى الله عليه وآله). وممّا رواه ابن عساكر في التاريخ الكبير في هذا السياق قوله: «إنّه مرّ يوماً بمساكين يأكلون في الصّفة، فقالوا: الغداء، فنزل وقال: إنّ الله لا يحبّ المتكبّرين، فتغدّى معهم، ثم قال لهم: قد أجبتكم فأجيبوني، فقالوا: نعم، فمضى بهم إلى منزله، وقال للرباب خادمته: أخرجي ما كنت تدّخرين»[177]. وهناك بخلاف ذلك عشرات الروايات التي حفل بها التاريخ عن صفات هذا الإمام الجليل، خاصّةً فيما يتعلّق بصفة التواضع التي تحلّى بها طويلاً حتّى يوم وفاته. والأمر بالنسبة لحياة الإمام الحسين (رضي الله عنه) لم يتوقّف عن حدّ الصفات الطيّبة وفقط، بل امتدّ ليشمل علمه الغزير. وفي يقيني أنّ الصفات الطيّبة داخل الإنسان لا يمكن أن تكتمل بغير علم، فكلّما زاد علمه زاد تواضعه وزادت صفاته الحسنة، وهكذا كان الإمام الحسين رضي الله عنه وأرضاه. وممّا يروى عن علم الإمام الجليل ـ كما ذكر بعد ذلك العديد من المراجع ـ أنّ