رسائل الإمام الزنجاني الموجّهة إلى مشايخ الأزهر والملوك لم تكن فكرة الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية، وضرورة التعايش والاحترام المتبادل بين أنصار الاتجاهات المذهبية من الأفكار التي كانت موضع اهتمام الإمام الزنجاني فحسب، بل كانت فكرة ضرورة الدفاع عن الدين والمذهب الإمامي شغله الشاغل، وحماية تراث وأفكار وقيم أهل بيت النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) من أبرز الاُمور التي ما فتأ ينفق الغالي والنفيس من أجلها، خاصّة حينما وجد أنّ ثمة من يهوى العبث بتراث وعقائد مذهب أصيل، له تاريخه الحافل بالعلم والانجازات التي ساهمت في تطوير واستدامة الحضارة الإسلامية، ودفعت بعلومه إلى خطوات متقدّمة جدّاً. وقد ساهمت خطاباته بصورة كبيرة في تبيين معالم مذهب الإمامية، وتوضيح ما أُبهم وأُشكل على الآخرين أثناء قراءتهم لهذا المذهب، وإزاحة كل الأغشية التي حاول الأعداء والمنافقون وضعها للحيلولة دون حصول تقارب بينه وبين المذاهب الأخرى. لكنّه لمّا وجد أنّ هذا الاُسلوب غير كاف على هذا الصعيد، خاصةً وأنّ الأطراف المخلّة تمتلك نفوذاً في الحكومات، لجأ إلى وسيلة «الرسائل» الموجّهة إلى المشايخ، وأخرى إلى الملوك والاُمراء المسلمين، مستفيداً من مكانته الدينية السامية، والأخلاق العربية الأصيلة التي كان أولئك الملوك يتحلّون بها، فأثبتت فاعليتها، ووجد الاُذن الصاغية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.