بعلمائها الأكابر، فإنَّهم يجتهدون كما يجتهد علماء الشيعة تماماً. ثم قال: وشيء آخر بين الشيعة والسنّة، فيذكر بعضهم: أنَّ الأوّلين يغالون في محبّتهم لآل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد جئت إلى مصر فوجدت أهلها السنيّين يزيدون عنّا في محبّة آل البيت عليهم الصلاة والسلام[31]. سؤال وجواب وهنا سأله فضيلة الأستاذ الشيخ محمود شلتوت: ما قولكم في عصمة الأئمة؟ فقال الإمام الزنجاني في الجواب ما مؤدّاه: الشيعة تعتقد بأنَّ الإمامة منصب إلهي، فإنّ وجود الإمام المنصوب المتمكِّن مقرّب للطاعة، ومُبعد عن المعصية، أي: لطف في مصطلح علم الكلام. والمنصوب من الله لا يجوز أن يخلَّ بواجب أو يفعل قبيحاً، أي: لايمكن أن يرتكب الخطأ أو الخطيئة، وإلاّ لم يجز نصبه إماماً، فيجب أن تكون له ملكة تردع عن ارتكاب الخطأ والخطيئة. وهذا هو معنى العصمة اللازمة في الإمام المنصوب من الله حسبما ثبت في علم الكلام، وهو قول الشيعة. ولايعرف الشخص المتصِّف بصفة العصمة إلاّ المطّلع على السرائر، ومنه يظهر أنَّ نصب الإمام ليس من أفعال غير الله تعالى. وينبغي أن يعلم أنّ لكلِّ مسألة موضعاً مخصوصاً من العلم الذي هي كجزء منه، لايُقدّم عليه ولايؤخّر منه، بل يبيّن فيها ما يتعلّق بها دون مبادئها التي من حقّها أن ينظر فيها قبل النظر في تلك المسألة المبتنية عليها، فبعد القول بأنَّ الإمامة منصب إلهي، لا محيص من القول: بعصمة الأئمّة المنصوبين من الله. ومقامنا هذا لا يسع أزيد من هذا الكلام الموجز.