سلسلة حلقات اهتماماته المتعدّدة التي أُريد منها خلق تيار من الوعي الرسالي لدى أفراد الأمة، ونشر طيف واسع من المعرفة والثقافة في عموم الناس، الذين تمكّنوا من استيعاب الرسالة ومنهاجها، بفضل أهل البيت(عليهم السلام) الذين بذلوا النفيس لأجل تثبيت أركان الوعي، وتمهيد الطريق للأجيال اللاحقة، ثم الصحابة المنتجبين ومن تابعهم على ذلك، فساهموا مساهمةً كبير في نطاق نشر الوعي والثقافة الإسلامية الأصيلة، فقدّموا للآخرين صورةً ناصعةً عن الإسلام وتعاليمه القيّمة. والتاريخ خير شاهد، ويؤكّد على أمرين: (1) الأصالة التي يتحّلى بها الفكر الإسلامي. (2) الانفتاح الذي امتاز به الإسلام، إذ لم يتقوقع على نفسه، ولم يدعو يوماً إلى رفض غيره جملةً وتفصيلا. فرغم أنّه يرى أنّ الشريعة المسيحية قد نُسخت بشريعة محمد(صلى الله عليه وآله)، وأنّ أغلب بنودها قد تلاعبت بها أيادي العبث اليهودي، فأصابها من التغيير والتحريف الشيء الكثير، إلاّ أنّه ظلّ وفيّاً لمبادئ وتعاليم السيد المسيح الأصيلة، وداعياً مجدّاً إلى الالتزام بالأخلاق المسيحية السامية، بل وزاد عليها من مكارم أخلاق نبيّنا الأعظم(صلى الله عليه وآله)، فكانت حصيلة ثرية من التعاليم الروحية التي تدعو إلى النقاء والطهارة من كلّ درن يلحق بالروح والقلب. ولعلّ هذا الكتاب الماثل بين يديك ـ عزيزنا القارئ ـ خير شاهد على ما ذكرناه آنفاً. فقد قام حجة الإسلام والمسلمين الشيخ مهدي منتظر القائم بجمع الأحاديث التي تدور حول السيد المسيح من المصادر الإسلامية، وراح ينظّمها بشكل أبواب وفصول، بدءاً من ولادته، ومروراً بسيرته وأقواله، وانتهاءً برفعه إلى السماء ثم نزوله في آخر الزمان بعد ظهور قائم آل محمد(عليه السلام) الذي يقدّمه للصلاة، فيأبى السيد المسيح إلاّ أن يصلّي مأموماً على أن يصلّي إماماً. ولمّا وجد المؤلّف أنّ هذا الأحاديث أغلبها مشتركة بين الفريقين: الشيعة والسنّة، في اللفظ أو بالمعنى، ولا تفترق سوى بالطريق، فقام بتهيئة أُطروحته هذا بصورة تتلاءم والمصلحة الإسلامية،بعد أن أضاف إليها مسحة مقارنة تزيد من رونق