104 ـ ابن عبّاس في حديث عيسى و أصحابه قال:... وكان ملك في ناحية منهم في مدينة يقال لها: نصيبين، جبّاراً عاتياً، وأمر عيسى بالمسير إليه ليدعوه وأهل تلك المدينة إلى الراجعة، قال: فمضى حتّى شارف المدينة ومعه الحواريون، فقال لأصحابه: «ألا رجل منكم ينطلق إلى المدينة، فينادي فيها، فيقول: إنّ عيسى عبد الله ورسوله»؟ قال: فقام رجل من الحواريين يقال له: يعقوب، فقال: أنا يا روح الله وكلمته، قال: «فاذهب، فأنت أول من يبرّ أُمّتي»، فقام آخر يقال له: توصار، قال له: أنا معه، قال: «وأنت معه»، ومشيا، فقام شمعون، فقال: يا روح الله وكلمته، أكون ثالثهم، فائذن لي بأن أنال منك إن اضطررت إلى ذلك، قال: «نعم». فانطلقوا حتّى إذا كانوا قريباً من المدينة، فقال لهم شمعون: ادخلا المدينة، فبلّغا ما أُمرتما، وأنا مقيم مكاني، فإن ابتليتما احتلت لكما. فانطلقا حتّى دخلا المدينة، وقد تحدّث الناس بأمر عيسى، وهم يقولون فيه أقبح القول وفي أُمّه، فنادى أحدهما ـ وهو الأوّل ـ ألا إنّ عيسى عبد الله ورسوله، فوثبوا إليهما، من القائل: إنّ عيسى عبد الله ورسوله؟! فتبرّأ الذي نادى، فقال: ما قلت شيئاً، فقال الآخر: قد قلت، وأنا أقوله: إنّ عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فآمنوا به ـ يا معشر بني اسرائيل ـ خير لكم، فانطلقوا به إلى ملكهم، وكان جبّاراً طاغياً، فقال له: ويلك ما تقول؟ قال: أقول: إنّ عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، قال: كذبت! فقذفوا عيسى وأُمّه بالبهتان، ثمّ قال: تبرّأ ويلك من عيسى وقل فيه مقالتنا! فقال: لا أفعل، فقال الملك: إن لم تفعل قطعت يديك ورجليك وسمّرت عينيك، فقال: افعل ما أنت فاعل، قال: ففعل به ذلك، فألقاه على مزبلة في وسط مدينتهم. قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه: «كونوا كحواري عيسى بن مريم، رفعوا على الخشب وسمّروا بالمسامير، وطبخوا في القدور، وقطِّعت أيديهم وأرجلهم وسمِّرت أعينهم، فكان ذلك البلاء والمقتل في طاعة الله أحبّ إليهم من الحياة في معصية الله».