الخوض في التفاصيل، وذلك انطلاقاً من تظافر الأدلّة القرآنيّة والروائيّة والعقليّة وتعاضدها على ذلك. لكن ذهب آخرون إلى غير ذلك، فقد قال النووي: «إنّ الصحابة كلّهم هم صفوة النّاس وسادات الأمّة وأفضل ممّن بعدهم، وكلّهم عدول لا نخالة فيهم، وإنّما جاء التخليط ممّن بعدهم، وفيمن بعدهم كانت النخالة»[24]. وقال الذهبيّ متناسياً ما فعلته بنو أميّة من سبّ عليّ والحسن والحسين على المنابر طيلة عقود من الزمن: «من الكبائر سبّ أحد من الصحابة، فمن طعن فيهم أو سبّهم فقد خرج من الدين، ومرق من ملّة المسلمين». وقال السيوطي: «ومن خصائصه أنّ أصحابه كلّهم عدول بإجماع من يعتدّ به، فلا يبحث عن عدالة أحد منهم، كما يبحث عن عدالة الرواة... ومن خصائصه أنّ الصحبة تثبت لمن اجتمع به (صلى الله عليه وآله وسلم) لحظة، بخلاف التابعي مع الصحابي فلا يثبت له اسم التابعي إلاّ بطول الاجتماع مع الصحابة على الأصحّ عند أهل الأصول»[25]. وللدكتور محمّد التيجاني السماوي التونسي في كتابه: «الشيعة هم أهل السنّة» تعليقة جديرة بذكرها، كتب يقول: «لا شكّ أنّ الصحابة بشر غير معصومين عن الخطأ، وهم كسائر النّاس العاديين يجب عليهم ما يجب على كلّ النّاس، ويحقّ لهم ما يحقّ لكلّ النّاس، وإنّما لهم فضل الصحبة للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا احترموها ورعوها حقّ رعايتها، وإلاّ فإن العذاب يكون مضاعفاً، لأنّ عدل الله سبحانه اقتضى أن لا يعذّب البعيد القاصي كالقريب الداني... والعقل والوجدان يفضّلان رجلا يعيش في زماننا ويقيم على احترام الكتاب والسنّة وتنفيذ تعاليمهما، على صحابي عاش مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصاحبه ولمّا يدخل الإيمان في قلبه وأسلم استسلاماً، أو صاحبه على البرّ والتقوى طيلة حياته ولكنّه ارتدّ وانقلب بعد وفاته. وهذا ما يقرّره كتاب الله وسنّة رسوله... ومثال ذلك قوله تعالى: (يا نساء النبيّ من يأت