تمهيد بسـم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيّبين وصحبه المنتجبين. وبعد، فقد قررت اللجنة العلمية المشرفة على مركز الدراسات التابع للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، ضمن سعيها الوحدوي التقريبي الواسع الأبعاد أن يتمّ إصدار سلسلة من الكتب حول المساحات المشتركة بين السنّة والشيعة. والحقيقة ان النسبة المئوية لهذه المساحات عالية جداً وذلك أمرٌ طبيعي لأمور مهّمة، منها: أولا: أنّ المصادر الرئيسيّة لكلا المدرستين: الشيعية والسنّية واحدة، فهي لاتتعدّى الكتاب والسنّة النبوية الشريفة، والمصادر الأُخرى إنّما يقوم اعتبارها بهما، ولقد أكّد أهل البيت (عليهم السلام) أنّهم إنّما يروون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما أنّهم يستقون من القرآن الكريم. ثانياً: أنّ المدرستين الفقهيتين تتعايشان من صدر الإسلام والعصور التابعة، حتى لتنظر إحداهما إلى الأُخرى في مسيرتيهما الطويلة ولحدّ اليوم، فلا غرو أن يتلاقى الحديث والاستنباط الفقهي وكذلك المفاهيم الأُخرى في أكثر النقاط الحياتية. ثالثاً: والناظر إلى كتب الحديث ليجد مجموعة ضخمة من الروايات المشتركة بينهما، حتى في اللفظ الواحد، أو بالمعنى بشكل أوسع، كما يجد مجموعة ضخمة أُخرى من الرواة المشتركين الذي تؤمن المدرستان بنزاهتهم وصدقهم. رابعاً: والملاحظ أيضاً أنّ أئمّة المذاهب والحديث لدى المدرستين كانوا يعيشون أروع حالات التآلف وسعة الصدر والمداراة والاحترام، والسعي للحفاظ على حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإغناء الفكر الإسلامي بالاجتهاد الموضوعي الحيّ.