الروايات المشتركة إنّ المطالع لكتب الحديث المتداولة، والموثوق بها لدى كلٍّ من أهل السنة والشيعة، يجد أنّ تلك الأحاديث تتفق ـ إلاّ ما قلّ منها وندر ـ في اللفظ أو في المعنى.. أمّا ذلك القليل النادر، فليس إلاّ مسائل كانت ولا تزال مثاراً للجدل، وموضع أخذ وردّ، أذكى أوارها السياسيون الظالمون لأهداف رخيصة لا إنسانية، وتركوا بصماتهم البغيضة عليها، بل نجد أنّهم قد تدخلوا شخصياً لتغيير كثير من الأحكام التي رأوا أنّ تغييرها يخدم مصالحهم وعروشهم. وعدا تلك المسائل القليلة جداً، فانّ الاتفاق المشار إليه لا يختص بطائفة من الروايات دون طائفة، ولا بموضوع دون آخر، بل هو ينسحب على مختلف الموضوعات والمجالات، سواءٌ في ذلك: الفقهية، أو الأخلاقية، أو غير ذلك. وإذا كانت ثمة فروق.. فإنّما هي فروق جزئية لا تخلّ في المقصود الأصلي، وإنّما هي كسائر الفروق التي تكون في الروايات الكثيرة لدى طائفة واحدة، وفي مسألة واحدة; حيث يجيز الرواة لأنفسهم النقل في المعنى عادة، أو لسبب الاستنساخ الكثير، الذي ينشأ عنه التحريف والسقط والزيادة ونحو ذلك.. ونحن إيماناً منّا بضرورة السعي الحثيث الدؤوب نحو الوحدة الحقيقية، وفي جميع المجالات.. ومن أجل أن الجمع بين النصوص الكثيرة، التي تتكفل ببيان معنى واحد ومؤدى واحد يعين الفقيه والباحث كثيراً في مجال استنباط الأحكام، واستجلاء تلك المعاني من الأخبار المتكفلة لبيانها..