فَأَنساهُم أَنْفُسَهُم) ([41]). (و) رمي الجمار: وهي العمليّة الضخمة المحتوى والعظيمة التأثير في المشاعر. إنّها عمليّة رمي مجموعة من رموز الشيطان المتعدّدة; إشارة لتعدُّد سُبُل الشيطان وألاعيبه ووجوهه. كلّ صنوف الشيطان تُرمى بسبع، وكلّ مظاهره تُرمى، والعمليّة واحدة من قِبَل كلّ المسلمين. الشيطانُ يُرمى من قِبَل إبراهيم (عليه السلام) بحُصيّات فيرميه الركب المؤمن عبر التاريخ ويتبرّأ منه في أروع عمليّة رمزيّة تعبّر فيها الاُمّة المسلمة عن ذاتها بذلك. فإذا كان الطواف يشكّل أهم أبعاد شخصيَّتها فإنّ الرمي هو البعد الآخر. إنّه لا يعني: التبرّي من أعداء الله (الطواغيت) فحسب، بل يعني: العمل على نفْيهم من الأرض والقضاء عليهم ومهاجمتهم تماماً، كما يعني: الوقوف بوجه الشيطان على الصعيد الفردي، والقضاء على مكائده، وسدّ سبله، وقطع دابره ووساوسه. ولَعَمْري إذا كان الرمي يعني هذه المشاعر، فماذا يقول اُولئك الذين تجرّأوا فعبّروا عن الحجّ كعمليّة عباديّة فرديّة، بعيدة عن الجوانب الاجتماعيّة والسياسيّة ؟! (ز) الذبح والفداء: وهذا بدوره يحمل أروع المعاني، كالتخلُّق بعنصر التضحية في سبيل الله. ولا ريب في أنّ التضحية في سبيل الله نفسها تقوّي الإيمان بالله من جهة، وتزيد في الالتزام بالشريعة، وتفتح للتشريع الإسلامي آفاقَ التطبيق في الأرض. كذلك يثير الذبح في الإنسان عنصر المواساة والإطعام وخصوصاً (في يَوْم ذي مَسْغَبَة) ([42]) فيسدّ بذلك جوعة الفقراء المحتاجين. وهذا المعنى إذا نقلناه إلى الصعيد الاجتماعي العام للمسلمين يعني: أنْ يتكافل المسلمون جميعاً على الصعيد الاقتصادي وباقي الصُّعُد، فإذا كان هناك جائعٌ فالكلُّ عنه مسؤولون.