عن الموضوعيّة استخدامه لما أسماه مفتاح الشخصيّة في دراسته لكثير ممّن ترجم لهم، فإنّ هذا الأُسلوب يعني في حدّ ذاته الدخول على الموضوع بفكرة قبليّة، فكرة تهتم أساساً بكلّ ما يتمشّى مع هذا المفتاح ويعضده ويهمل أو يكاد كلّ ما لا يتمشّى معه أو يبرزه. وأمّا الدعامة الثانية فغير متوفّرة هنا ; لأنّه لم يكتب تراجم تصوّر حياة المترجم لهم في مراحلها الزمنيّة المتعاقبة ومن خلال بناء متماسك يبرز كيف تكشّفت لهم الدنيا وكيف تغيّرت مواقفهم تبعاً لذلك وكيف كان قلقهم وصراعهم مع الحياة، وإنّما كتب فصولا مستقلّة لكلّ منها طابع المقال المعروض بالعرض المنطقي المباشر، وما هكذا أدب التراجم الإبداعي الذي يقوم على إعمال الخيال رغم التقيّد بالحقائق وفي إطارها والذي يعمد إلى التجسيد والتصوير والتعبير بالمواقف وفتات القرائن. والعقّاد يحاول تقديم صورة نفسيّة للشخصيّة التي يتناولها في دراسات لجوانب مختلفة منها مفسّراً لبواعث بعض تصرّفاتها في وقائع بعينها وتنويه بمواقفها من أحداث التاريخ التي شاركت في صنعه، فهو مقال منطقي تجريدي مباشر خال من أساليب العمل القصصي وحيله من التعبير باللمسات مثلا وتتابع المواقف واللجوء إلى التفاصيل الدالّة واستخدام فتات القرائن حتّى يتمّ تجسيد المشاعر والأفكار والصورة النفسيّة أو غير النفسيّة للشخصيّة([85]). ولا يخفى أنّ ما قيل فيه نوع من الشطط والاعتساف وإن كان فيه