الشعريّة التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين والتي ردّت إلى الشعر العربي ديباجته المشرقة وحرّرته من الشكليّة التصنيعيّة ومن الابتذال ووجّهته شطر الحياة الجديدة في السياسة والاجتماع، وقد اتّهم العقّاد ورفيقاه هذه المدرسة بأنّها لم تحقّق الخطوة التقدّمية المرجوّة، وهم يرون أنّ الشاعر يجب أن يعبّر عن روح أُمّته وعن نوازع نفسه ودوافعها الإنسانيّة وعن الطبيعة وحقائقها الكونيّة، وهو في تعبيره عن روح الأُمّة لا يقف عند الظواهر والأسماء والتواريخ والأحداث، بل ينفذ إلى ضميرها الداخلي شاعراً بقومه في جميع ما ينظم من موضوعات حتّى في مظاهر الطبيعة وعواطفه الإنسانيّة العامّة، وهي صورة لابدّ أن تعود للشاعر فيها حرّيته، فلا يتقيّد بالصياغة القديمة ولا بنقوشها الزخرفيّة، إنّما يتقيّد بأداء المعاني في عباراتها الصحيحة التي تستوفيها. والعقّاد يحمل حملة عنيفة على أحمد شوقي ويرى فيه صيقل ألفاظ، ويرى أنّه لا يلتمس في شعره التعبير الصادق عن النفس إزاء الحياة والكون، وأنّ القصيدة عنده ليست بنية حيّة متماسكة. وهو يخاطبه قائلا: « اعلم ـ أيّها الشاعر العظيم ـ أنّ الشاعر من يشعر بجوهر الأشياء لا من يعدّدها ويحصي أشكالها وألوانها، وأن ليست مزيّة الشاعر أن يقول لك عن الشيء ماذا يشبه، وإنّما مزيّته أن يقول ما هو ويكشف عن لبابه وصلة الحياة به ». وهكذا كان العقّاد في نقده رجل الكلمة الحرّة والرأي الجريء وإن بدا في حملاته على أحمد شوقي وجماعة الشعراء المقلّدين بعض التفريط