وكانت فعلة يدارونها بالتوقّح فيها على سنّة المأخوذ الذي لا يملك مداراة ما فعل. فبات خولي بن يزيد ليلته بالرأس في بيته، وهو يمنّي نفسه بغنى الدهر، كما قال. فأقسمت امرأة له حضرميّة([472]): « لا يجمع رأسها ورأسه بيت وفيه رأس ابن رسول الله »([473]). ثمّ غدا إلى قصر ابن زياد وكان عنده زيد بن أرقم([474]) من أصحاب رسول الله.. فرآه ينكث([475]) ثنايا الرأس حين وُضع أمامه في أُجانة، فصاح به مغضباً: ـ « ارفع قضيبك عن هاتين الثنيّتين.. فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله على هاتين الشفتين يقبّلهما ».. وبكى.. فهزئ به ابن زياد، وقال له: ـ « لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك ! ». فخرج زيد وهو ينادي في الناس غير حافل بشيء: ـ « أنتم معشر العرب العبيد بعد اليوم.. قتلتم ابن فاطمة وآثرتم ابن مرجانة، فهو يقتل شراركم ويستعبد خياركم »([476]).