أمّا النقطة الثانية ـ وهي: الأسباب الداعية لثورة الحسين (عليه السلام) ـ فيتركّز البحث فيها في ذكر أسباب ثلاثة كلّية دعت للخروج، وهي: أوّلا: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثانياً: فرض البيعة الإلزاميّة على الحسين (عليه السلام) وامتناع الإمام عن تلبية مثل هذا الطلب. ثالثاً: دعوة أهل الكوفة للحسين (عليه السلام) للقدوم عليهم. وهذا السبب هو أضعف الأسباب في الميزان ; حيث إنّ تبدّل وضع الكوفيين كان كفيلا بأن يدفع الحسين للتخلي عن سائر أهدافه الأُخرى ويتّجه نحو المصالحة مع النظام والموافقة على البيعة بينما تطوّرات القضيّة لاحقاً أثبتت العكس ; إذ إنّ أكثر خطب الحسين حماساً ولهيباً واشتعالا هي خطبه التي جاءت بعد تراجع أهل الكوفة عن موقفهم الأوّل. كما أنّ الحسين (عليه السلام) كان قد بدأ حركته في أواخر شهر رجب وأوائل حكومة يزيد عندما خرج من المدينة قاصداً مكّة حيث الحرم الآمن الذي يوفّر الأمن والطمأنينة وكذلك لمركز مكّة الاجتماعي والسياسي المهمّ حيث صادف كلّ ذلك مع اقتراب مواسم العمرة والحجّ وتقاطر الناس من الأطراف والأكناف إلى مكّة، فيصبح بالإمكان إرشاد الناس ووعظهم بنحو أفضل من سائر فصول العام، وبعد مرور حوالي شهرين على مغادرته المدينة وصلت رسائل أهل الكوفة إليه وهو في مكّة، أي: بعد اتّخاذه من قبل قراره بالامتناع عن مبايعة يزيد، فدعوة أهل الكوفة قد هيّأت للحسين ظروفاً مناسبة للاستمرار في النهضة، لا أنّها كانت من الأسباب