واضطراب، يحزّ في الأعصاب ويقذف بالمرء إلى الخلاص كيفما كان الخلاص. وطال القلق على دخيلة عمر بن سعد فأطلقه سهماً في الفضاء كأنّه كان متشبّثاً بصدره فاستراح منه بانطلاقه. فزحف إلى مقربة من معسكر الحسين، وتناول سهماً فرماه عن قوسه إلى المعسكر وهو يصيح: ـ « اشهدوا لي عند الأمير أنّني أوّل من رمى الحسين ». ثمّ تتابعت السهام، فبطلت حجّة السلم وذهب كلّ تأويل في نيّة القوم، وقام الحسين ـ وهو ينظر إلى السهام وينظر إلى أصحابه ـ فقال: ـ « قوموا يا كرام، فهذه رسل القوم إليكم »([422]). وبذلك بدأ القتال. وقد تأهب الحسين لهذه المنازلة المنتظرة، وإن كان على انتظاره إيّاها قد تريّث حتّى يبدأوه بالعدوان من جانبهم، وحتّى يجب عليه الدفاع وجوباً لا خلاف فيه. فاختار له رابية يحتمي بها من ورائه، ووسع وهدتها([423]) حتّى أصبحت خندقاً لا يسهل عبوره.. فأوقد فيه النار ليمنع عليهم الالتفاف به من خلفه([424])، وهم في كثرتهم التي ترجح عدّة صحبه ستّين ضعفاً قادرون على