الذي أرسلوه في أوّل الأمر ليحلئ([419]) الحسين عن دخول الكوفة، وقد كان يحسب أنّ عمله ينتهي إلى هذه المراقبة ولا يعدوها إلى القتال وسفك الدم.. فلمّا تبيّن نيّة القتال أقبل يدنو نحو عسكر الحسين قليلاً قليلاً، وتأخذه رعدة وينتابه ألم شديد.. حتّى راب أمره صاحبه المهاجر بن أوس فقال: ـ « والله إنّ أمرك لمريب.. ما رأيت منك قط مثل ما أراه الآن، ولو قيل: من أشجع أهل الكوفة، ما عدوتك ». فباح له الرجل بما في نفسه، وقال له: ـ « إنّي أُخيّر نفسي بين الجنّة والنار، ولا اختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت أو حرّقت ». ثمّ ضرب فرسه، ولحق بالحسين وهو يعتذر قائلاً: ـ « لو علمت أنّهم ينتهون إلى ما أرى ما ركبت مثل الذي ركبت، وإنّي قد جئتك تائباً ممّا كان منّي إلى ربّي مؤاسياً لك بنفسي حتّى أموت بين يديك([420]) ! ». ولن يخلو معسكر ابن زياد من مئات كالحرّ بن يزيد يؤمنون إيمانه ويودّون لو يلحقون به إلى معسكر الحسين، ويزعجهم أن يتحوّل أمامهم إلى المعسكر وهم ناظرون إليه ; لأنّه يبكتهم([421]) ويكشف مغالطتهم بينهم وبين