المجال قريبة المرمى، وهي زاوية العمل الفردي الذي يراض بأساليب المعيشة اليوميّة ويدور على النفع العاجل للقائمين به والداعين إليه. فحركة الحسين لم تكن مسدّدة الأسباب لمنفعة الحسين بكلّ ثمن وحيثما كانت الوسيلة. وعلّة ذلك ظاهرة قريبة.. وهي: أنّ الحسين (رضي الله عنه) طلب الخلافة بشروطها التي يرضاها، ولم يطلبها غنيمة يحرص عليها مهما تكلّفه من ثمن ومهما تتطلّب من وسيلة.. وهنا غلطة الشهداء.. بل قل: هنا صواب الشهداء.. ومن هو الشهيد إن لم يكن هو الرجل الذي يصاب، ويعلم أنّه يصاب ; لأن الواقع يخذله ولا يجري معه إلى مرماه ؟ ومن هو الشهيد إن لم يكن هو الرجل الذي « يكلّف الأيام ضدّ طباعها » ويصدّق الخير في طبيعة الإنسان، والخير عزيز والدنيا به شحيحة ؟ منذ القدم أخطأ الشهداء هذا الخطأ، ولو أصابوا فيه لما كانوا شهداء ولا شرفت الدنيا بفضيلة الشهادة. فالحسين (رضي الله عنه) قد طلب خلافة الراشدين حيث لا تتسنّى خلافة الراشدين، أو حيث تتسنّى الدولة الدنيويّة التي يضنّ بها أصحابها ويتكالبون عليها ويتوسّلون إليها بوسائلها. فكانت عنايته بالدعوة والإقناع أعظم جدّاً من عنايته بالتنظيم