ليبايعوا وليّاً للعهد شرّاً من يزيد لما همّهم أن يبايعوه وإن تعطّلت حدود الدين وتقوّضت معالم الأخلاق. وأعجب شيء أن يطلب إلى حسين بن علي أن يبايع مثل هذا الرجل ويزكّيه أمام المسلمين ويشهد له عندهم أنّه نعم الخليفة المأمول صاحب الحقّ في الخلافة وصاحب القدرة عليها. ولا مناص للحسين من خصلتين: هذه، أو الخروج !.. لأنّهم لن يتركوه بمعزل عن الأمر، لا له ولا عليه. * * * إنّ بعض المؤرّخين من المستشرقين وضعاف الفهم من الشرقيين ينسون هذه الحقيقة ولا يولونها نصيبها من الرجحان في كفّ الميزان([368]). وكان خليقاً بهؤلاء أن يذكروا أنّ مسألة العقيدة الدينيّة في نفس الحسين لم تكن مسألة مزاج أو مساومة، وأنّه كان رجلاً يؤمن أقوى الإيمان بأحكام الإسلام ويعتقد أشدّ الاعتقاد أنّ تعطيل حدود الدين هو أكبر بلاء يحيق به وبأهله وبالأُمّة العربيّة قاطبة في حاضرها ومصيرها، لأنّه مسلم، ولأنّه سبط محمّد.. فمن كان إسلامه هداية نفس فالإسلام عند الحسين هداية نفس وشرف بيت. وقد لبث بنو أُميّة بعد مصرعه ستّين سنة يسبّونه ويسبّون أباه على