شديد لقيه عبيد الله بن زياد في مغالبة مسلم وشيعته، وأنّه هرب مرّة من المسجد ; لأنّ الناس بصروا بمسلم مقبلاً، فتصايحوا بعبيد الله، فاعتصم بقصره وأغلق عليه أبوابه([328]). واجتمع إلى مسلم أربعة آلاف من حزبه، فأمر من ينادي في الناس بشعار الشيعة: « يا منصور ! أمت »، ثمّ تقدّم إلى قصر الإمارة في تعبئة كتعبئة الجيش. ولم يكن في القصر إلاّ ثلاثون رجلاً من الشرط وعشرون من أهل الكوفة. فخامر اليأس عبيد الله وظنّ أنّه هالك قبل أن يدركه الغوث من مولاه. ولكنّه تحيّل بما في وسع المستميت من حيلة هي على أيّة حال أجدى وأسلم له من التسليم، فأنفذه أنصاره إلى كلّ صوب في المدينة يعدون ويتوعّدون.. وانطلق هؤلاء الأنصار يرجفون بقرب وصول المدد الزاخر من يزيد، وينذرون الناس بقطع العطاء وأخذ البريء بالمذنب والغائب بالشاهد، ويبذلون المال لمن يرشى بالمال والوعد لمن يقنع بالوعد إلى حين([329]).