وهال الأمر النعمان بن بشير([320]) والي الكوفة، فحار فيما يصنع بمسلم وأتباعه وهم يزدادون يوماً بعد يوم، فصعد المنبر وخطب الناس معلناً أنّه لا يقاتل إلاّ من قاتله ولا يثب إلاّ على من وثب عليه([321]). * * * وتسابق أنصار بني أُميّة إلى يزيد ينقلون إليه ما يجري بالكوفة، فأشار عليه سرجون الرومي([322]) مولى أبيه أن يعزل النعمان ويولّي الكوفة عبيد الله بن زياد مضمومة إلى البصرة التي كان يتولاّها في ذلك الحين([323]). وقدم عبيد الله إلى الكوفة، فكان أوّل ما عمل بها أن جمع إليه عرفاء المدينة ـ أي: مشايخ أحيائها ـ فأمرهم أن يكتبوا له أسماء الغرباء ومن في أحيائهم من « طلبة أمير المؤمنين والحرورية وأهل الريب »، وأنذرهم « أيّما عريف وجد في عرافته من بغية أمير المؤمنين أحد لم يرفعه إليه، صلب على باب داره، وأُلغيت تلك العرافة من العطاء »([324]). والتمس وجوه المدينة من شيعة الحسين يترضّاهم ويستخرج خفاياهم.. فسأل عمّن تخلّف منهم عن لقائه وعلى رأسهم هانئ بن عروة،