غلظة في الطبع على غير ضرورة ولا استفزاز.. فهو الذي ساق نساء الحسين بعد مقتله على طريق جثث القتلى التي لم تزل مطروحة بالعراء، فصحن ـ وقد لمحنها على جانب الطريق ـ صيحة أسالت الدمع من عيون رجاله، وهم ممّن قاتل الحسين وذويه([304]). هؤلاء وأمثالهم لا يسمّون ساسة ملك ولا تسمّى مهنتهم تدعيم سلطان، ولكنّهم يسمّون جلاّدين متنمّرين يطيعون ما في قلوبهم من غلظة وحقد، ويطيعون ما في أيديهم من أموال ووعود، وتسمّى مهمّتهم مذبحة طائشة لا يبالي من يسفك فيها الدماء أيّ غرض يصيب. * * * ومنذ قضي على يزيد بن معاوية أن يكون هؤلاء وأمثالهم أعواناً له في ملكه، قضي عليه من ساعتها أن يكون علاجه لمسألة الحسين علاج الجلاّدين الذين لا يعرفون غير سفك الدماء، والذين يسفكون كلّ دم أُجروا عليه. وهكذا كان ليزيد أعوان إذا بلغ أحدهم حدّه في معونته فهو جلاّد مبذول السيف والسوط في سبيل المال، وكان للحسين أعوان إذا بلغ أحدهم حدّه في معونته فهو شهيد يبذل الدنيا كلّها في سبيل الروح. وهي إذاً حرب جلاّدين وشهداء.