ومن كلامه المرتجل قوله في توديع أبي ذر([217]) وقد أخرجه عثمان من المدينة بعد أن أخرجه معاوية من الشام: « يا عمّاه ! إنّ الله قادر على أن يغيّر ما قد ترى، والله كلّ يوم في شأن. وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك، وما أغناك عمّا منعوك وأحوجهم إلى ما منعتهم، فاسأل الله الصبر والنصر، واستعذ به من الجشع والجزع، فإنّ الصبر من الدين والكرم، وإنّ الجشع لا يقدّم رزقاً والجزع لا يؤخّر أجلاً »([218]). وكان يومئذ في نحو الثلاثين من عمره، فكأنّما أودع هذه الكلمات شعار حياته كاملة منذ أدرك الدنيا إلى أن فارقها في مصرع كربلاء. * * * وتواترت الروايات بقوله الشعر في أغراض الحكمة وبعض المناسبات البيتيّة، ومن ذلك هذه الأبيات: أغن عن المخلوق بالخالق *** تغن عن الكاذب والصادق واسترزق الرحمان من فضله *** فليس غير الله من رازق من ظنّ أنّ الناس يغنونه *** فليس بالرحمان بالواثق([219]) ومنه هذا البيتان في زوجته وابنته: لعمرك إنّني لأحبّ داراً *** تكون بها سكينة والرباب