فلولا هذه المزية في الحسين لما وضح الصراع بين الأريحيّة والنفعيّة عند الفريقين، ولا كان المصطرعون هنا وهناك من مزاجين مختلفين، ولا للمعركة كلّها تلك الدلالة التي كشفت النفس الإنسانيّة في جانبين منها قوّيين، يتنازعان حوادث الأُمم والأفراد من زمان بعيد، وسيظلان على نزاعهما هذا إلى زمان بعيد. * * * ولقد كان الحسين بن علي بهذه المزية أحبّ إنسان إلى قلوب المسلمين، وأجدر إنسان أن تنعطف إليه القلوب. كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي سمـّاه، وسمّى من قبله أخاه. قال علي (رضي الله عنه): « لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً، فجاء رسول الله فقال: أروني ابني، ما سمّيتموه ؟ قلت: حرب ! فقال: بل هو حسن. فلمّا ولد الحسين سمّيته حرباً، فجاء رسول الله فقال: أروني ابني، ما سمّيتموه ؟ قلت: حرب ! فقال: بل هو حسين([204]). وذهب إلى الحسين وإخوته كلّ ما في فؤاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من محبّة البنين، وهو مشوّق الفؤاد إلى الذرّية من نسله. فكان (عليه السلام) لا يطيق أذاهما، ولا يحبّ أن يستمع إلى بكاء ] أحد [ منهما في طفولتهما، على كثرة ما يبكي