بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة إنّ فكرة الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب الإسلامية، وبالأحرى فكرة التعايش المذهبي بين المسلمين والاحترام المتبادل بين اتجاهاتهم المذهبية والاجتهادية، من الأفكار التي كانت موضع الاهتمام الخاص والقبول لأئمة أهل البيت عليهم السلام واتباعهم منذ البداية وفي الصدر الأول الإسلامي، وذلك عندما وجدت ظاهرة الاختلاف في الفهم للإسلام والاجتهاد في تفسيره سواء على المستوى الفكري والنظري أو على المستوى السياسي والاجتماعي. ولم يكن ذلك – كما قد يتصور – بسبب الظروف السياسية والاجتماعية التي أحاطت بهم حيث كانوا فيها الطرف المستضعف والأضعف سياسياً واجتماعيا، بل كان ذلك بسبب الإيمان النظري بقيمة الحرية الفكرية والسياسية ضمن الضوابط والقواعد الإسلامية العامة، لذلك نشاهد منهم هذا القبول والاحترام للرأي الآخر، والتعايش معه فكرياً وسياسياً حتى لو كان هذا لرأي بعيداً عن الحق والصواب في نظرهم، وفي زمان القدرة والقوة السياسية التي كانت تتحقق لهم في بعض الأحيان والمراحل. ويشهد لذلك سيرة الإمام علي عليه السلام أيام خلافته مع مخالفيه، وهو بحث تناولت جانباً منه في (كتابي الوحدة الإسلامية من منظور الثقلين). كما يشهد لذلك أيضاً – في زمن أئمة أهل البيت عليهم السلام – موقف الإمامين محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، والاحترام المتبادل بينهما وبين العلماء في فترتهما الزمنية ممن تحولوا بعد ذلك إلى أئمة للمذاهب الإسلامية، أو كان لهم دور كبير في